النسخة الجديدة من قصة "طرطور والفلاح العجوز"!!


    طرطور والانتخابات!!!
 كثر المنافسون ولم يعد يملك ما يفعل فبحث عن شريك يساعده في نقل صوته بقوة..!
       ظن أنه يملك قدرة كبيرة على الإقناع؛ ظهر على إحدى القنوات لبس أجمل ما يملك وكتب كلمات طنانة استعار بعضها من إحدى القواميس،  وأخرى من خطابات قديمة، وجاء بكلمات من فرط حماسته لم يفهم المشاهد القصد منها:" لو حصلت على أكبر عدد من الأصوات بعد العاشر من ماي فسأحقق لكم كل الأحلام.. مشاريع مجانية..لا بطالة بعد انتخابي، ولن أرضى بأحلام تبقى أسيرة أشخاصها، هدفنا التجسيد ..انتخبوني حتى تضعوا خطوة أولى لحياة جديدة بعد العاشر من ماي..
حدث بالأمس أن هذه الإغراءات جاءت بنتيجة "فطرطور كتاب القراءة" مثلا أغرته الكلمات التي تشكلت في شكل قطعه حلوى وكأن لسانه بدأ يستسيغها ..فمد يده وقدم صوته وحباله الصوتيه ولم يعد يملك شيئا سوى بعض الحلم .. قدم له "البذور" وفي وقت الحصاد أخذ "الفلاح العجوز" الكرسي المصنوع بحبال طرطور الصوتية وأخذ الغلة وارتقى حتى ما عاد يرى " طرطور" ...، غادر الفلاح العجوز كتاب القراءة...!
وعاد "طرطور" إلى صفحته وحيدا يتقاسم مع الأطفال رغيف الحلم ..آلمه أن تكون مثل قصته تملأ كتاب القراءة في الابتدائي ولا يعتبر منها أحد فقرر أن يقدم للأطفال الذين أصبحوا شبابا اليوم وكبروا على قصة طرطور والفلاح العجوز" العبرة في نسختها الجديدة...
عاد موسم التبرع بالأصوات مرة أخرى، ونزل الشيخ العجوز من كرسيه كأنه بدأ يرى ظل "طرطور" على إحدى صفحات كتاب القراءة،  فقال له: كيف حالك يا طرطور..هل تذكر عندما أعجبتك ذات مرة أوراق الجزر وطلبت مني أن أعطيها لك، هل تذكر؛ لم أرفض لك الطلب وقدمتها لك وعندما طلبت مني في الجزء الثاني من القصة جذور الفول قدمتها لك ولم أرفض لك الطلب..!!
" لو حصلت على أكبر عدد من الأصوات بعد العاشر من ماي فسأحقق لك كل الأحلام..وسأعطيك الغلّة والجذور.. وسأفتح لك حسابا في الفايسبوك حتى تحصل على أرض في المزرعة السعيدة ..!!
فقال له "طرطور" بعد أن استرجع بعض صوته وكيف لا أكون بجانب شريكي في "الجزء الثالث من القصة" ولكن نعيد اللعبة من جديد...
أريد المذاق الحلو ...قبل أن أضع الحلوى في فمي ..أريد الواقع قبل أن تمنيني بالافتراض..!! 
ن.مريم نريمان

فارس يمتطي صهوة الموت ..!!

  هي الكلمات تفر من شفتي حين أحتاجها وتستكين في قلبي فيحملها ...دون أن أحس انساب الدمع على وجنتي دون أن أدري لما رحلت ..وتركتني أجالس الوحدة في صمت، بت أخاف الموت بل أكره الموت لأنه سرقك مني ..
رسالة إليك أبي ...
كيفما كانت البداية ابتدأنا ...بدمعة بابتسامة ..أو بخطوة..كيفما كانت الخطوة ..المهم أننا تقدمنا ..
   كنت أجلس ..كنت قربي ..ندعي أن الحياة قد صادقتنا..قد أسعدتنا ...ندعي أن القلب كيفما جرح سنبقيه حيا ..ربما حزن القدر..ربما عالم العيون الأزرقي لم يعد يفصل بين شجن عيوني وعيونك ..بت روحي بت قلبك ..ربما شخصنا بات الحزن ذاته ..ربما وأنا أمتطي صهوة الليل أدعي أنني سأجد النهار يوما ما ..ماذا لو أن الليل لم يعد يسبقه ولا يليه النهار ..كيفما كانت البداية المهم أننا ابتدأنا ..
       توقف الزمن برهة ..فتحت ديوان الماضي وراجعت نفسي ..وجدت أني لم أعد أملك غير قلبي وفي جيوبي أخفي دمعي ..كلما وضعته براحتي ضاع مني ..أين أنا ؟ قلبي بقربي وذكرياتي هاهنا بيدي تخزني كما الأشواك ..فتحت الكتاب ..اقتلعت مني ذكرياتي نظرت إلى المستقبل ..كان كله ظلام ..كيف ابتدأت وكيف سأنتهي ..كيفما كانت البداية المهم أننا ابتدأنا ..
   كانت يدي بيدك ..عيوني بعيونك ..باتت الأيام  اليوم ترتسم في مقلتاي ..لا تتأملني لا تتأملها ..ستقرأ الحزن فيها والألم ..ستموت قبلها ..تعلم أني كيفما كان الألم سأمضي معك كيفما ابتدأنا وخطونا خطوتنا الأولى في الظلام سوف نمضي ..كيفما كانت البداية المهم أننا ابتدأنا ..
     كنا تلك الليلة وحدنا ..أنت وأنا  بلى كان القمر معنا وجموع النجوم ترقبنا نمسح بدموع بعضنا دموعنا ....نمزج الآه فينا بالأسى ..ندعي الابتسامة ..كيف الحياة غابت عنا دون أن ترحل بنا معا لا أنت وحدك ..كيفما تأخذنا المهم أن نكون معا ..كيفما كانت البداية كان لابد أن نصل إلى النهاية ..
     فجأة عم الظلام أجواء قلبي ..وسحبت فجأة يدك من يدي ..ومشيت ..مشيت تتسلل بك الحياة تحملك في راحتيها ..ظننت أنك سعود بعدها ..كما الشمس تغيب كل ليلة وتعدنا باللقاء كل يوم ..ظننت أن حرارة دموعك ستنطفئ وتنساب الأنهار على وجنتيك ..فرفعت يدي أودعك بها ..لم يهمني أمري تهمني أنت ..كيفما ابتدأت ..المهم أنك ابتدأت ..
    كنت حقا يائسة ..عندما نظرت إلى ترحل شيئا فشيئا دون أن أدري ..لكنك كنت تدري ..كنت تدري أنني لن أرحل معك ..كنت تدري أنني لن أراك ..لم أفهم أين ترحل ..لم تقل لي وداعا لم تطبع على جبيني كما ألفت قبلة تعدني بها بالأمان إلى أن تعود ..ألن تعود ؟؟؟ كنت تدري أنني وتظن أنني وتظن أنني سأبدأ من نهايتك ..عندما اخترت عنوة أن تنتهي من بدايتي كنت ترقبني كأن تقول أتركي الأحزان وامضي مع الأيام ..لا تلحقي بي واعلمي أنني سأنتظرك في الغد إلى حيث أمضي ..
لا لا أبي لا لن أمضي تعلم أني سأموت بعدك مادمت وحدي كيفما ابتدأت سوف أنتهي وأختار النهاية مادمت تنتهي ..كنت ترحل كنت تمضي دمعك يجري ويطبع خطوات دربي سأتبع الدمع وأمضي علني أجدك وسط حطام قلبي أو علني أجدك وسط الذكريات التي فرت مني..لم تعد ذكرياتي غير حزني وحزن حزني ..سأتبع الدمع وأمضي أينما تمضي سوف أمضي .لا تسلني كيف تعلم أينك مني.كنت بالأمس معي تمسح دمعي وتمضي معي كنت بالقلب معي أينما أرحل ترحل معي ..
آه أبي صرخت من جب عميق كله أحزان لما لم تسمعني لما لا تجيب أيهون عليك الدمع الذي على وجنتي لا لا يغيب ..
أبي ..الكلمة الخرساء التي ما عادت تسمع ولا تجيب ..هل مضيت دونا مني آه فقط لو انتظرت أن نمتطي صهوة الموت ونغيب معا ليس وحدك أو أنك انتظرت يوما أرحل فيه أنا قبلك لم يعد بوسعي الموت ولا الحياة ولا اي شيء تعبت أبي تعبت ..
لما رحلت ..وعدتني أنك ستبقى معي ..ألن تبقى أبي إلى جانبي لم يعد الأمر بيدي ولا بيدك ستمضي دونك أيامي تتجمد مشاعري من يذيبها ..يزيد بعدك شجوني لا تذرني أخاف الليل حين ينجلي أخاف الشمس حين تغيب أخاف أن ترحل الشمس ولن تعود ..وحدك من يفهمني بعدك من يفهمني أخاف أن أموت ولست معي ..لا تذرني انتظرني لا أريد البقاء وحدي من سيطفئ حرقة قلبي ..سأنتظرك ابي ..سأنتظرك ابي فارسا يمتطي صهوة الموت ...
ن.مريم نريمان
نشرت في جريدة الأطلس العدد 501

تجيكم في الصبر !!


       حدث مرة أن إحدى قريباتي كانت الأولى على دفعتها في إحدى التخصصات وكان من المفروض أن تحصل على منحة للدراسة في الخارج من الجامعة غير أن هذه الأخيرة تجاوزتها وقدمت المنحة للثانية على الدفعة وعندما ذهبت للسؤال عن حقها أجابها أحد المسؤولين المرموقين : "الدنيا حظوظ" وأذكر أنني قلت لها لحظتها لا تقلقي ربما هو أدرى لأنه أكبر منك وعليك أن تتعلمي منه من منطلق أن "لي فاتك بليلة فاتك بحيلة"، هذه قصة تذكرتها وأنا أعيش تصريحا جديدا علمني معنى "الصبر" في الجامعة  بعد أن التقيت بمفهوم الحظ قبل هذه المرة في نفس المكان، وأن تفهم مقاييسه ومحدداته في هذا المكان له طعم آخر صدقوني يختلف عن فهمه في مكان آخر سيما وأنه يتعلق بشخصيات لها وزن آخر ...ومنكم نتعلم ... دعوني أعلمكم الصبر على طريقتهم :
كنا في حالة يرثى لها بعد أن أدركنا بأننا أبناء قسم ليس لديه أي انتماء لأسرة إنه قسم الإعلام والاتصال في جامعتي الذي ولد بعد مخاض عسير في هذه المدينة الجامعية وكافح وناضل لأجل البقاء ونظم العديد من مسابقات الماجستير إلى أن وجد نفسه في مفترق الطرق بعد تقسيم جديد للكليات وبعد دخول نظام ال م د الذي ضم تخصص الإعلام والاتصال ضمن جذع مشرك علوم إنسانية، القصة بكل تفاصيلها لا تهم ولكن المهم فيها أن نجد أنفسنا نحن طلبة الماجستير الذين دخلنا العام الثالث بعد كثير من الصبر "على طريقتنا" معلقين بين كليتين وكل كلية تنفي انتماءنا لها ولا مجلس علمي يرضى بتمرير دراساتنا ضمن إحدى جلساته حتى نناقش مذكراتنا ، وكأي شباب يسعون للمطالبة بحقهم ذهبنا نجر خيباتنا وتساؤلاتنا إلى العديد من المسؤولين الذين لديهم علاقة مباشرة بموضوعنا وبمجرد جلوسنا في مكتبه الفخم –أحد المسؤولين في الجامعة" حتى بدأنا نتحدث عن الموضوع وعن المشكلة بحرارة وغضب شديدين وكلما رفع أحدنا نبرة صوته تدخل آخر لتعديلها على لانفقد فرصتنا الأخيرة في الانتماء إلى أسرة معينة ولكن المفاجأ أن رد هذا المسؤول كان بالحرف الواحد "تجيكم في الصبر"، في بداية الأمر استغربنا ظنا منا أن الصبر هذا كلية جديد في الجامعة ستدرس ملفاتنا وتمررها في مجلسها العلمي المقبل قبل أن نكتشف بأنها لعبة كلمات حاولت إعرابها مع زملائي ووصلنا إلى العديد من النتائج:

هل المقصود أن المجلس المنتظر سيأتي معه الصبر ولكن تلك ال "في" بين تجيكم وبين الصبر جعلتنا نتساءل عن محلها من الإعراب فهل يعقل أن تكون حرف جر سيجرنا إلى صبر جديد"على طريقتهم" لا أعتقد أننا سنقدر على تحمله هذا إن تحملنا هو، أم أن تجيكم هو ضمير مستتر تقديره تجيكم "الصدقة" في "أقوى لحظات" الصبر ونعتقد بأنها أقرب التفسيرات ذلك أن ما سيقوم به هذا الرائع إن قام به ووافق على دراسة ملفاتنا سيكون صدقة جارية على روح العلم والثقافة اللذين ذهبا إلى الأبد ولم يبق منهما إلاّ بعض الأثر والذكريات الجميلة، ماذا عساي اقول أصدقائي سوى تذكروا أن الكثير من القيم الجميلة نتعلمها من جامعتنا وتذكروا أن منطق الحظ ليس دائما واحدا وكذلك الصبر وأنصحكم أن "تذهبوا إلى الصبر بأقدامكم " لأنكم مهما انتظرتموه "باش يجيكم"  فلن يأتي ..

...................................يتبع
                             بعد أن ننهي رحلة الصبر سأخبركم بنهاية القصة :'(

حملة صناعة مواطن ووطن!!

   مشاركتي في يوم التدوين الجزائري تحت شعار "لنبادر من أجل الجزائر.."

  لم يعد يشغلني في هذه الأيام سوى موضوع واحد جعلني أعيش بين عالمين، بين حياتين وحتى بين قصتين تجتمعان معا في قلبي  لكنهما تختلفان في طريقة الإحساس بكل منهما، وفي كليهما تمتزج تلك الروابط الجميلة بين مواطن ووطن..
 الأولى: لا شيء يلفت انتباهي فيها سوى وجوه شباب يملأ الملل تقاسيم وجوههم لا شيء يهم شهادة معلقة على الجدار، أحلام طفل طموح شاب، وشيخوخة مبدع لم يجد من أين يبدأ، لا شيء يهم؛ في كل جلساتنا شكاوى، مع كل رشفة قهوة قصة شاب يضع جداول أعمال يومية : سأتحصل على الشهادة، سأحاول الحصول على عمل وربما قد تكون التجارة أفضل حل لبناء المستقبل، لكن من أين أبدأ؟ أريد أن أفتح مشروعا لابد لي من المشاركة في السكنات التساهمية ولكن ما يلبث حتى يجد نفسه يصطدم بواقع محبط فتنكسر كل الأحلام عند جدار الواسطة ليجد الشاب نفسه يحمل ورق مقوى يدعى شهادة بين يديه يحملق فيه بشدة ثم يفكر في حل فيه الكثير من المنطقية قليل من العقل فيصنع قاربا ورقيا بشهادته ويرسله عبر البحر يحمّله آماله طموحاته كل شيء حتى نفسه ويرحل بعد أن يقطع شرايين جفت في انتظار التفاتة من قلب يدعى وطن.. حتى تبعث فيه الحياة من جديد ..لا شيء يهم ..لا الحياة..لا العمل لا الأهل مادام الوقت يمر والحياة تنقضي وبيدنا يمكننا صناعة قشة ننقذ بها إحساسنا القوي بوجود وطن لأجلنا وبوجودنا لأجل وطن ..إنها  الأولى: مواطن بدون وطن !!
    أما الثانية:فأرض طيبة. جراح ماض تئن ومفارقات غريبة؛ تفعل أنت هذا وأفعل أنا هذا لاشيء يهم، أحيي أنا فتقتل أنت وتحيي أنت فأقتل أنا وإذا ما كبر الخطأ نظرنا إلى أعلى الهرم وقلنا "نريد التغيير" شباب تركوا الأهم وبدأوا يلاحقون تفاهات الأمة فلا شيء يهم ..صورة سيئة عن وطن ..شباب أخذتهم العولمة في ركبها ولا حياة لمن تنادي ..وطن ينادي وشباب منشغلون بالبحث عن السبب وينادون بالتغيير إنها الثانية: وطن بدون مواطن !!
    كانت جدتي تقول لي بأننا جيل ضعيف نملك كل شيء ولا نفعل شيئا تقول بأننا جيل أناني كل يملأ تفكيرة طريقة الصعود إلى القمة وحده فقط والبقية فليذهبوا إلى الجحيم، ..تقول جدتي أنهم كانوا بالأمس يدا واحدة تصنع وطنا وبأننا اليوم أيادي متفرقة كل يصنع "أنا"..
كانوا يملكون الواقع وفقط وحده الواقع ومنه يبدأ التغيير ونحن نملك واقعا وافتراضا والإفتراض يصنع التغيير وينقله إلى الواقع ..
 ترددت الأصوات تنادي بالتغيير وكلما سمعت النداء كلما تساءلت هل نبحث عن وطن أو نبحث عن مواطن ووطنية ضائعة؟ الحل يبدأ من الإجابة عن هذا السؤال ..هل المواطن من يصنع الوطن أو الوطن من يصنع المواطن ؟
 فايسبوكيا.. نلتقي في افتراض جميل الكثير من الأحلام تملأ جدران العالم نلتقي كلنا ونقرأ كلنا أحلامنا وأحلام غيرنا، نثرثر في الجميل وفي المحزن يقولون أنه من هنا يبدأ التغيير ..هنا يمكنني أن أحدثك عن خطة جميلة أبدأ منها حياتي وتحدثني عن خطتك، هنا نجسد واقعا ونقترح حلولا..
   جلست للحظات أفكر في موضوع " لنبادر من أجل الجزائر" طبعا لا أعتقد بأننا سنفكر في نشر عدد من الأفكار للخروج إلى الشارع ولا يمكن أن نلقى بالمسؤولية كلها على عاتق سلطة وحكومة ..أما نحن فكل ما نفعله مغفور وكل ما نفعله صواب ..هناك فرق بين أن يكون لدينا مواطن وليس لدينا وطن وبين أن يكون لدينا وطن ولكن بدون مواطن ..إن ما أفكر فيه هو أن ننطلق من إحساسنا المثالي بالجزائر التي تسكن في دواخلنا ونبدأ في ثورة ضد أنفسنا ثورة فكرية كل يغير ما بنفسه و  "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"
   لنبادر من أجل الجزائر ولنكن جزائريين بحق ثقافة وعلما وأخلاقا ومسؤولية  ولنفهم معا معنى التغيير، المشكل ليس بطالة فقط والمشكل ليس من الأعلى فقط بعض المشاكل نحن السبب في انتشارها ومنا فقط يبدأ التغيير ..من الأسفل وصولا إلى القمة.
بناء أسرة تحرص على التنشئة الإجتماعية والدينية الصحيحة وتحرص على تشكيل الأخلاق والسلوك يغير الكثير "أن نصنع رجالا"..الحرص على إنتاج جيل يقرأ من شأنه أن يغير الكثير ..لنمتطي قاربا واحدا يأخذنا إلى الافتراض "أليست الشبكات الإجتماعية مهد التغيير كما يقولون!" فلنناقش معا كل ما يهمنا ويهم الوطن ..
   دعونا  نزرع أفكارا نبدأ ثورات فكرية ننطلق مني ومنك من أسرتي وأسرتك من مدينتي ومدينتك، لنا الاختيار إما أن نلقن أفكارنا وحماسة بناء الوطن التي تملأنا الشهادتين ونواريها الثرى أو أن نزرع هنا بذرة التغيير في الإفتراض ونحصدها في الواقع أن نفهم معنى التغيير لنصنع الحياة التي نشتهي؛ أن نصنع المواطن ونحس الوطنية قبل أن نصنع الوطن ..لنبدأ معا حملة صناعة مواطن ووطن !!

ن.مريم نريمان
إذا أعجبيتك المقالة يمكنك التصويت من هنــا 
إنني في هذه اللحظات أعود من اللقطة الشاملة إلى استخدام الزووم وسأتكلم هنا عن ملتقى حضرته وكنت عضوا فاعلا فيه في التنظيم وفي التنشيط.
      الملتقى يدور حول الصحافة ومن المفروض أن يدوم لثلاثة أيام، سعدت كثيرا لحظتها لأن الموضوع يهمني كثيرا وقلت بيني وبين نفسي أن الموضوع سيتم تشريحه وسيتم التطرق إلى مختلف جوانبه وبقيت مستغربة ثلاثة أيام كاملة..
    سآخذكم خلسة معي إلى القاعة التي كنت اجتمع فيها مع الزملاء المنظمين للملتقى ونحن نحمل كاميراتنا التي لا تلتقط إلاّ الأمور الشاذة بدأ النقاش حول التنظيم:عنوان الملتقى واضح ولا يلزمه إعلانات ولا لافتات كثيرة حتى يلفت الانتباه بصراحة كان مهما جدا؟  قلت إذن.. الموضوع قد تم تحديده والضيوف تم تعيينهم والحديث في هذا الموضوع لم يدم أكثر من خمس دقائق ثم انتقلنا إلى موضوع أقل أهمية...عفوا اقصد أكثر المواضيع أهمية بل انه عصب الرحى في كل الملتقيات المنظمة في الجزائر..كم من وجبة غداء دفع ثمنها وفي أي المطاعم التي يجب أن تكون فخمة وكم من محفظة تم شراؤها إلى جانب الأقلام والشهادات والمذكرات وغيرها ثم احتدم النقاش حول الموضوع من سيأخذ محفظة ومن سيتناول الغذاء و..و..و..
    قلت في نفسي لحظتها إنها أمور تنظيمية لابد منها لكنني في نفس الوقت عدلت عن الفكرة عندما أحسست أننا نقوم بتنظيم حفل زفاف ونؤكد على الوجبات التي ستقدم للضيوف ولم يكن الموضوع مختلفا كثيرا عن مشاركتي في تنظيم حفل زفاف أحد قريباتي، وانغمس الجميع يتكلم ويتكلم وضاع الاجتماع بين كم من وجبة ستقدم وكم من محفظة وكم من قلم...وتناسى الجميع العروس وأي ثوب ستخرج به أمام الحضور وهو موضوع الملتقى من المفروض...ربما كلنا في هذه اللحظات قد بدأنا نحس بعزيمة لا متناهية ولو أعطينا لأنفسنا الفرصة للحظات لقلنا بصوت واحد ومع الأستاذ طبعا "نعم للانتحار الجماعي..."وأعود واذكر لم احضر ما حضره الأستاذ من ملتقيات لكن ليس بعد فالانتحار ليس بالهين ويجب أن نضع له أسسا أقوى ونلتمس لأنفسنا من عذر.
تمت برمجتي كمنشطة للملتقى الذي من المفروض أن يدوم ثلاثة أيام ثم فجأة تحول إلى يومين لأن اليوم الأول خاص باستقبال الضيوف، إذن حذفت مجبرة اليوم الأول وأدركت أن موضوع الملتقى لن يدخل غرفة العمليات في اليوم الأول، ثم سألت ببراءة عن اليوم الثاني فعلمت انه تم تنظيم رحلة للضيوف القادمين من مختلف ولايات الوطن إلى العديد من المعالم الأثرية بباتنة، ولم يبق في حوزتي سوى يوم واحد ليتحول الملتقى إلى يوم دراسي فقط، تم تحديد بقية الأيام مجاملة للضيوف ومصاريف زائدة كان بالإمكان أن تفتح مشروعا لشاب بطال...
    يوم الملتقى...جاء الموعد أخيرا وكنت مستعدة جدا فالموضوع يمسني بالدرجة الأولى كصحافية، استلمت البرنامج ظننت في البداية أن هنالك خطأ ما في الموضوع أو في الترتيب أو ربما هناك من عدل فيه فوضع هذا في مكان الآخر، لكن لا ليس هناك خطأ أبدا والبرنامج كالآتي: النشيد الوطني، ثم كلمة السيد فلان وعلان وكلمة آخر ثم كلمة والي الولاية ليعلن عن الافتتاح الرسمي للملتقى أو يعلن بداية بث الروح في الملتقى الذي لفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يبدأ الحياة، تأملت لحظتها وجوه الحضور الذين لا يتجاوز عددهم عدد المنظمين، تأملت وجوه المنظمين الشاحبة والمتعبة من عناءات التنظيم.
    أحسست أن بعض الحضور قد بدأ يتنفس الصعداء بعد أن أنهكه سماع فلان وفلان ولابد أن الكثير ممن يحضرون هم مثلي أحبوا عنوان الملتقى وظنوا أنهم سيستفيدون الكثير ومازالوا ينتظرون مثلما انتظرت أنا قبل أن احمل برنامج الملتقى عفوا اليوم الدراسي..بين يدي..ثم فترت حماستي اللامتناهية..
جاء دوري بعد الإعلان عن الافتتاح الرسمي..وبدأ الحاضرون ينتظرون أن أنادي على الأساتذة الذين سيقومون بإثراء الموضوع لكنني كنت مجبرة –صدقوني أن الجهة المنظمة أبت إلا أن تكرم الذين ساهموا في إنجاح الملتقى ..وأشير بأن الملتقى الذي حكم عليه بالنجاح لم يبدأ بعد ولم يتم للآن الاستماع للمداخلة الأولى وبدأت التكريمات تكريم فلان الفلاني والتكريم الأخر يتسلمه نيابة عنه علان وغيرها.ولا أخفيكم أنني تلقيت شيئا ما يشبه التهديد إذا ما ناديت على شخص قبل آخر أو أنني طلبت من أخر أن يقدم التكريم لشخصية مرموقة وغيرها من البروتوكولات المملة والتي أخذتنا بعيدا عن الملتقى الذي تحول فجأة إلى حفل تكريم، ولست ألوم المنظمين لأنه بالنسبة إليهم الملتقى نجح لان وجبات الغداء كانت كافية والمحافظ بقي منها عدد قليل سيغلقون به أفواه الصحافيين حتى لا يكتبوا عكس ما يأملون منهم.بعد التكريم لا تستعجلوا الأمر فقد تم تنظيم فترة راحة أيضا قدمت خلالها المشروبات والشاي وغيرها ثم عدنا بعد ذلك وسمعنا لثلاثة مداخلات ثم مناقشات لم يكفي الوقت لسماعها كلها وطبعا تعلمون مثلما اعلم ابن ضاع كل الوقت، إنني بعد ذلك اليوم المتعب أحسست برغبة في البكاء على نفسي لأنني فكرت في لحظة بان هذا الرجل صاحب الرأس الكبير وهو عنوان الملتقى والجسم النحيف جدا والمنهك القوى ستشبعه المداخلات فيسترد عافيته ويحصل على جسد متكامل ويستفيد منه الجميع لكن المداخلات لم تشبعه بقدر ما زادته ساعات التكريمات الطوال شحابة في وجهه واصفرارا.
     لحظة زملائي هو ثاني ملتقى أو ربما ثالث ملتقى أحضره وأدخل كواليسه والأستاذ حضر أكثر من ذلك وصراحة أمنت فعلا مثلما أرى الآن في عيونكم عزيمة الانتحار الجماعي المنظم.
     قد أسألكم في هذه اللحظات بأي طريقة تودون الانتحار قد يجيب أحدكم نضع أيدينا بأيد بعضنا ونرمي بأنفسنا من علو قاتل وقد يرى البعض أن نبتلع مائة حبة دواء وقد يجيب أحدنا ممن يملك زادا اكبر من الصبر دعونا نحضر عشرة ملتقيات متتالية بدلا من ألف حبة دواء مميت ولابد أننا سنعجل بموتنا وقد يختار بعضنا ممن لديه شجاعة اكبر الانتحار شنقا لكن البعض اتجه للتفكير هل سنعلم الصحافة بأمر انتحارنا فربما يكون خطوة أولى للتغيير... أو قد لا نعلم الصحافة بسبب الانتحار ونتفاءل للحظة ولو لأول مرة قبل رحيلنا الأبدي ونتخيل بأن صحافتنا قد تحولت إلى صحافة مثلما صحافة الغرب تقود التحقيقات وتسعى إلى التغيير فتبدأ بالبحث عن أسباب الانتحار خيطا خيطا إلى أن تصل للحقيقة وبالتالي نستفيد بأنها ستصل لأكثر من سبب لانتحارنا لكن صحافتنا للأسف ليست كذلك ولن تبحث أبدا..فقط ستكتفي بالتهويل والمبالغة وقد تكتب في صفحتها الأولى العنوان: أستاذ الدراسات العليا ينتحر رفقة طلبته 15 في قسم الإعلام وتكتب عنوان إشارة: بعد أن تلقى تهديدات عقب تصريحاته الأخيرة في احد الملتقيات قائلا: صرفتم أموالا على أشخاص قالوا آي كلام وقد يمتد الحديث عن الانتحار وقد تتحول الأسباب إلى أسباب أمنية وتهديدات ثم إرغام وقد نتحول إلى مدمني مخدرات وقد..وقد.. وهي مهنة صحافتنا العريقة اليوم.
     إذا الأستاذ قرر ونحن كذلك ولابد بأن الأفكار أخذتنا بعيدا إلى أساليب الانتحار التي يمكن أن نستفيد منها من خلال احد المواقع الالكترونية، لكن مهلا فالحقيقة أنها لا  تعنينا في شيء فالانتحار الجماعي الذي يقصده الأستاذ ليس بالضرورة أن نضع أيدينا بأيد يعضنا ونسأل الله أن يسامحنا لأننا مجبرين لا مخيرين ثم نضع حدا لحياتنا، إن فكرة الانتحار هذه يقصد منها الأستاذ أن نجمع حقائب أفكارنا الشاذة ونمضي بها بعيدا عن أحلامنا الغبية في التغيير أن الانتحار يعني أن نلقن أفكارنا ورغبتنا الجامحة في التغيير الشهادتين ونواريها الثرى ونقبل بكل ما نراه ..نحضر الملتقيات ننام فيها أو نخطط لحياتنا وعندما نستفيق على التصفيق  نبتسم إذا ابتسم الجميع أو نتجهم إذا تجهموا.
       إننا نعلم جيدا أننا بإذن الله في أول الركب وإذا جعلنا البعض نتأخر في الوصول فإن وصولنا سيكون أقوى بإذن الله قد نضحك على كل ما قلناه ونسخر ولكن الحقيقة انه ليس كل ما يضحك مسلي دائما فأحيانا تتنكر خيباتنا في هيئة نكتة مثلما قالت إحدى الكاتبات واعذروني زملائي إن قلت لكم وأنا المؤيدة الأولى لفكرة الانتحار الجماعي بان أفكارنا إن تركناها تقتل نفسها بنفسها فلا بد أن تعود في هيئة أخرى أقوى ولابد أن نغير لأنه هناك من يستحقون الثناء والتقدير مثل أستاذنا يؤمنون جدا بالتغيير وان كان الإحباط قد نال منهم للحظات من فرط ما يشاهدون بأم أعينهم ولفترات متقاربة لم تكفي لان تعالج الجرح الأول حتى زادته عوارض أخرى عمقا وألما وسأكتفي بالقول إذا كرهت الدنيا بسبب شخص واحد فأنت كالذي احرق بيته ليتخلص من حشرة.
مريم نريمان
فضفضة كتبتها في حصة الدكتور أحمد عيساوي عندما درسنا في مقياس وسائل الإعلام والمجتمع سنة أولى ماجستير  
المقال قمت بتعديله وكتابته تحت عنوان "فرصة النرجسية وضياع المال في الملتقيات العلمية الجزائرية" وأرسلته إلى مجلة الفرسان حتى ينشر ونشر فعلا لكن بعد أن ضاع نصفه وأهم جزء فيه ..  للأسف لم يلق الموضوع الإهتمام المرجو في هذه المجلة  ..وليته لم ينشر ...عموما هذه  هي النسخة الأصلية التي أخذت منها فكرة مقال فرصة النرجسية وضياع المال  وهو  تحت عنوان "فضفضة" كتبت فيها تصوري حول حال الملتقيات في الجزائر إنطلاقا من تجربتي البسيطةجدا...!! وتجربة استاذي التي تقاسمها معي ومع زملائي في ذلك اليوم الذي كنا ننتظره بفارغ الصبر يوم الثلاثاء من كل أسبوع .. .على الساعة 11.00!!
      كم كانت تغريني الكتابة، سيما إذا كان الأمر يتعلق ببوح أو ربما فضفضة تزيل عني هذا الحمل الثقيل الذي تصنعه مشاعر ناقمة غاضبة أو ربما حزينة، كم كانت تغريني تلك اللحظات التي اعبر فيها ما يختلجني فينزف القلم ناقما غاضبا من أمور مزعجة بات المجتمع يقبلها كما هي ولا يحاول أبدا تغييرها..وما إن انتهى من ساعات البوح حتى اطوي دفتر مذكراتي وأضعه في مكان لا يعرفه غيري سوى هذا القلم وهذه الورقة، لأنني أؤمن بالمبدأ القائل:"إن صمتي لا يعني جهلي بما يدور حولي ولكن من هم حولي لا يستحقون كلامي..."!!
             قال الأستاذ ذات ثلاثاء بعد أن نال منه الإحباط :" علينا أن ننظم انتحارا جماعيا " لا أنكر أن الفكرة بقيت عالقة في ذهني طوال الأسبوع، ولم تغادرني فكرة الانتحار تلك لكنني قررت في الوقت ذاته أن أضع للموضوع اتجاها آخر، فالأستاذ هو الوحيد الذي يجعلني أعود إلى البيت محملة بالآمال والطموحات وأنا أحس بأنني أقوى وبأنه يمكنني أن احمل مشعل التغيير لكن كيف؟لم أفكر في الموضوع صراحة لأنني اعلم جيدا أن الأمر ليس بهذه البساطة فأكتفي بفكرة العزيمة التي قد تكبر يوما بعد يوم مثلما قد تصطدم بواقع المجتمع الذي يفرض قراراته المعاكسة علينا فنقبل بها فقط لأننا لا نريد أن نكون حالات شاذة فلا يقاس علينا.
كثيرة هي الأمور التي تحتاج لمساحة بيضاء حتى نفضفض بهدوء فيها وكثيرة هي الكلمات التي نحتاج إليها والتي قد لا تفي بالغرض.. .
    إن إحباط الأستاذ غير المعهود هذا قد بلغ عمرا طاعنا في الإيمان، بعد صبر طويل وشجاعة أذهلت كل من هم حوله في مختلف الملتقيات، نعم هذا هو موضوعنا الملتقيات والأيام الدراسية؟قد نتساءل كيف استطاع موضوع الملتقيات هذا أن يجعل أستاذنا الفاضل يحس بالإحباط لهذه الدرجة ثم في الوقت ذاته نطرح السؤال: كم من ملتقى حضر الأستاذ؟ وكيف استطاعت نظرته إلى
الملتقيات أن تتحول إلى سآمة ثم إلى اخطر من ذلك وهو الانتحار الجماعي المنظم؟
في الوقت ذاته أجد نفسي اطرح على نفسي السؤال: كم من ملتقى حضرت؟ وأبدأ في تقليب صفحات الذاكرة، في الحقيقة لست اذكر تماما أو ربما أتجاهل تذكر ما حضرت لأنني سأجد نفسي بتلقائية أصحح السؤال إلى كم من وليمة أو كم من عزيمة غداء حضرت؟ أذكر زميلا لي في إحدى النوادي الأدبية وهو شاعر معروف وعادة ما ينظم ملتقيات تدور مواضيعها في الجانب الأدبي وكان في كل مرة يطلب مني إشاعة موعد الملتقى حتى يحضر ملتقياته عدد كبير لكن لا فائدة ترجى غير انه في كل مرة كان يتفاجأ عندما يدخل المطعم في فترة الغداء فيجد العدد الموجود أكثر من الذي كان في القاعة يستمع للمحاضرة، واذكر حينها انه قال لي بأن الملتقى المقبل قد انظمه في المطعم لأكسب اكبر عدد ممكن من الحضور، استسغت الفكرة لحظتها وبدأت أتصورها ووصلت إلى نتيجة أن كل الحضور سيعجبهم الأمر لكنها لن تنجح لأنها ستقابل بالرفض من طرف من سيلقون المحاضرات لأنهم في الوقت الذي سيلقون مداخلاتهم لن يكون بوسعهم الاستفادة أكثر من الوجبات الشهية المقدمة، وتصورت في الوقت ذاته أن الأمر لن يكون مختلفا كثيرا عن وجودنا في القاعة والفرق بسيط أن الحضور سيكون تفكيرهم في فترة التكريمات وفترة الغداء ومن سيكرم من...؟وغيرها على العكس في المطعم سيكون الجميع منهمكين في الأكل وحسب..وبقيت أفكر وأتصور حتى عصفت بذهني مرة أخرى فكرة الانتحار الجماعي..وبدأت أقبل بها مبدئيا رغم أنني لم احضر ما حضره الأستاذ من ملتقيات؟
    تصورت أنني احمل كاميرا تلتقط كل الأمور الشاذة أقوم في المرة الأولى بالتقاط لقطة شاملة للملتقيات المنظمة في الجزائر فأغلبية الملتقيات التي أحضرها لا اذكر ما كان يقال صراحة؛ أشخاص يجلسون في كراسي القاعة وثلاثة أو أربعة أشخاص على المنصة يتكلمون ويتكلمون، تذكرت وأنا في لحظات البوح هذه أحد الملتقيات أين وجدت احد معارفي الذي دعاني مباشرة إلى الغداء على هامش الملتقى، وعندما رفضت الدعوة بحجة أنني لم أشارك رد عليها بطريقة ساخرة:"ياخي الدولة الي راح تدفع" قد يكون كلامه صحيحا فالدولة هي التي ستدفع هذه الأثمان الباهظة أثمان الغداء والشهادات والمحافظ وليست مجبرة مثلما ليست مجبرة على تمرير كل هذه الملتقيات بدون رقابة لطريقة سيرها، لكنني إذا قبلت بهذا المنطق وبأن الدولة هي التي تدفع أجد نفسي أعاكس مبدأ آخر قد وضعته هو أن الدولة هي المسؤولة عن البطالة وحال الشباب وان الدولة يجب أن تضع صناديق لإعانة الشباب حتى يفتحوا مشاريع يخطون بها الخطوط الأولى لمستقبلهم. كان من دعاني يسترسل في الحديث عن التنظيم وكم من وجبة تم تسديدها وكم من محفظة تم شراؤها وطبع اسم الملتقى عليها... لكنه لم يحدثني أبدا عن ماذا قدم الضيوف في موضوع الملتقى؟
     إن ما استغربته في نفسي ذاك اليوم هو أنني استطعت أن اصمد يوما كاملا إلى نهاية اليوم الدراسي وكأنني أضع نفسي موضع المهتم بإشكالية جديدة تستحق الدراسة هي إشكالية الملتقيات والأيام الدراسية؟انتهى الملتقى إذن ثم بدأت التكريمات وفجأة سمعت المنشط يذكر اسمي ليقدم لي شهادة مشاركة استدرت لأبحث عن هذه المشاركة التي تحمل اسمي لكنني لم أجد..!! فعلا كنت أنا المقصودة، ثم ظننت للحظات بأنه اكتشف بأنني لأول مرة احضر ملتقى من البداية إلى النهاية فكرمني على ذلك..فبدت على وجهي علامات التعجب وسألت نفسي متى شاركت؟ وكيف تراني شاركت؟ ولكنني لحظتها تذكرت أن الأمر عادي فالحضور قد يعبر عنه بأنه مشاركة ثم تذكرت أن بعض الوجوه لا تحضر أبدا إلى النشاطات وتذهب الشهادات إليها مشيا على الأقدام ومكتوب عليها تقديرا وعرفانا على مشاركتكم والسبب واضح ولن أتحدث عنه كثيرا. وفي الوقت الذي ذهبت فيه لاستلام هذه الشهادة المزيفة عاد بي التفكير إلى يوم الثلاثاء وودت أن اخبر الأستاذ بأنني معه فعلا في فكرة الانتحار الجماعي..بالرغم من أنني لم احضر ما حضره.

وثن الحضارة الإنسانية المعاصرة


 جلست طويلا بجانبه أتأمل صمته وسكونه، كلامه ومضمونه  تعصف في ذهني العديد من التساؤلات ..كيف بإمكان هذا الوثن أن يسلبني نفسي ويغير نمط حياتي ويفرق بيني وبين عائلتي أجالسه ولا أجالسهم ..لم يأتي عنوة عنا شرعنا له كل الأبواب وقبلنا به واحد من أفراد العائلة، بل إنه يملك من السلطة ما يمكنه من التغيير  ..تقول أمي لا تفعلي ويقول افعلي ينصحني أبي بأن ألبس كذا فيقول لباسك يجب أن يكون كذا، وثن يجلس في أهم الزوايا في البيت، ربما هو ديكور مفروض علينا فرضا في زمن العولمة سواء بمفهومه المادي الجمالي أو ذلك الوثن الذي لا يتحرك إلا ليضع القيم في داخلنا وفقا للترتيب الذي يرى القائمين عليه بأنه الأنسب لنا، لا يفوت فرصة الجلوس بيننا ووحده الذي يعلو صوته وقراراته وخياراته بيننا.
     عندما علمت بحقيقة أن المرء يحصل على 90 % من معرفته عن طريق السمع والرؤية أدركت الدور الخطير الذي يلعبه هذا الوثن الذي يدعى تلفازا في حياتنا؛ يصوغ عباراتنا وأحلامنا وطموحاتنا ويصنع حتى مشاعرنا؛..وتوقفت للحظة أتأمل جهاز التحكم الذي لا يفارق يدي ..ويد غيري..
   علمت في إحدى المرات من قريبة لي بأنها لا تسمح لأبنائها بمتابعة الفضائيات العربية إطلاقا بحجة أنها لا تملك إجابات لأسئلتهم حول بعض التصرفات التي لا تمت بصلة لديننا الإسلامي؛ في حين أنها قد تجيبه بأن هذه التصرفات تميز غير المسلمين لو سألها عن تصرفات عرضتها فضائيات أجنبية غير مسلمة؛ وتؤكد له بعدها أن ديننا الإسلامي يرفضها، وضعتني هذه القريبة أمام عدد من التساؤلات هل تصنع التناقضات القيمية التي تصطدم في ذهن الطفل قاعدة صحيحة وبناء قيمي لا يتهدم بسهولة؟ وهل تترسخ التصرفات الخاطئة في ذهن الطفل إذا رآها ممن هم في مثل دينه أكثر من غيرها ؟
    كثير من الإجابات المتداخلة تدور في ذهني والتي تدفعني  لمحاولة البحث عن حقيقة البناء القيمي الذي يصنعه التلفاز ..فماذا تقدم الفضائيات العربية اليوم خدمة للبناء القيمي العربي الإسلامي؟
      فذلك المراهق لا يزال يقبع أمام التلفاز يبحث عن نفسه بين قناة وأخرى ويفتش بين خرداوات العولمة عما يمكن أن يهدي له ذاته الضائعة، فلم يجد العديد من الشباب حلا لا  لشعرهم ولا لطريقة تصفيفه ولباسهم وأفكارهم وحتى مشاعرهم المعلقة بالأوهام.
   ولا تزال تلك الفتاة المراهقة تتعلق بأحلام حفل زفاف على طريقة مسايا وعريس في شكل "مهند" الأفلام التركية ولباس من تصميم أكبر المصممين و...و.
وذلك الطفل لا يزال يتماهى بين أحلام أبطاله الوهميين ويحلم نائما أو مستيقظا بمشاركتهم مغامراتهم وهو يتغذى عنفا مستسيغا خرجاتهم الإبداعية التي لا تحدث خارج تلك الرسومات الذكية.
  خدمة البناء القيمي ليست بهذه السهولة؛ وليس من السهل أن نبني قاعدة ونحن ننوي عكسها في ظل تيارات العولمة التي تأخذ أشرعتنا في كل مرة إلى جهة لا تهمنا ولا تعنينا بقدر ما تهمهم وتعنيهم ..
 ماذا يصنع الإعلام العربي  من شاببنا  اليوم ؟             
   ماذا ننتظر من إعلامنا العربي اليوم؟ هل ننتظر أن يقدم القيم التي ننتظر أو يرسخ أو يمحي؟ إعلام تتملكه حمى المسلسلات التركية التي لم نفهم إسلامها من مسيحيتها من إلتزامها من تحررهها، أو برامج التولك شو التي تعتمد على أسلوب المزايدات في التعرض لمواضيع طابوهاتية أكثر..وكأنها في مزادها تطرح السؤال: من يزيد مواضيع أكثر جرأة؟ أو تلك الفضائيات التي تظهر في واجهتها فتيات تتشابهن في الغباء تطرحن أسئلة تافهة لأجل صناعة مدخول وهمي من الرسائل القصيرة...أو برامج الواقع التي نرى فيها الواقع داخل الشاشة وليس شاشة الواقع، والتي يعيش الشباب حلم المشاركة فيها الكل بات يصوغ أحلامه بحثا عن الشهرة بعد أن تحولنا من مشاهير الشعب إلى شعب المشاهير، عن أي إعلام نتحدث هل عن ذلك الإعلام الذي لا يتوقف عن صناعة النجوم الآفلة كل يوم أو الإعلام الذي لم يتوقف عن التخصص حتى وجد نفسه يتخصص في اللحاق بتفاهات الأمة متناسيا مبادءها وأسسها الضائعة بين تيارات الأهواء.
سوبرمان الغرب أضاع طريقه إلينا!!
عندما عرضت الإعلامية  أوبرا وينفري في الموسم الأخير من برنامجها الشهير "أوبرا شو" قصة الفيلم الوثائقي "في انتظار سوبرمان " الذي أثار ضجة كبيرة في أميركا بعد معالجته موضوع التعليم وطرحه قضية أن اغلب الأطفال الأمريكيين لم يحققوا أحلام الطفولة، والمشكل حسب الوثائقي يكمن في النظام التعليمي المتبع في أمريكا وعكفت هذه الإعلامية على إيجاد حل للموضوع بعد أن استضافت وزراء وإعلاميين وتم الإعلان عن مشاركة الأهل لأجل إيجاد حل للموضوع بعد أن تم وضع مجموعة من المواقع الإلكترونية في خدمتهم لمعالجة الموضوع سويا واستحضارهم سوبرمان الذي سينقذ أحلام أطفالهم. إعلامهم صنع سوبرمان الذي سينقذ أحلام أطفالهم..فماذا عن سوبرماننا الذي انتظرناه طويلا لينقذ قيمنا ومبادئنا وعاداتنا من الضياع؟ لماذا يجلس سوبرمان العرب متفرجا وهويتنا الإسلامية  ضائعة بين أقدام العولمة...؟
   لماذا يصطاد الإعلام تفاهاتنا ويغض البصر عن ما يكبرها أهمية كمشاكلها فالشباب الجزائري مثلا ضائع في تيار الحياة الوهمية يمشطون الطرق ذهابا وإيابا يصنعون حياتا على مقاسهم يهمهم فيها اللحظة وفقط ....وغدا يوم آخر. مصطلحات غريبة ولغات مستنسخة من عريبتنا وانجليزيتهم فصنعت لغة جديدة اسمها"العربيزي"
تافه أنت إذا تكلمت فصحى و "معربز" على حد تعبير البعض، متخلف يجب أن تتبع حضارتهم الوهمية وتقول ما يقولون وتأكل ما يأكلون وتلبس ما يلبسون وإلا فأنت خارج مجال الموضة.أليس هذا ما صنعه إعلامنا العربي...؟
يوم بدون تلفزيون...!!
   كثير ما ينظم العالم أياما مشتركة يكون الهدف منها منفعة عامة مثل يوم بدون تدخين واليوم التحسيسي حول مرض السرطان مثلا ، فلماذا لا يكون إعلامنا العربي غيورا يوما عن قيمه وينظم يوما تحسيسيا من سرطان العولمة الذي لا يزال ينخر جسد هذه الأمة  لينهي على كل الجميل فيها ويبقي على أمة شاحبة اللون منهكة القوى متناسية من تكون ...!!
     ماذا لو نظم العالم العربي يوما بدون تلفزيون؟ ماذا كان سيفعل كل هؤلاء الشباب في تلك الأوقات الضائعة من حياتهم هل سيصنعون أشياءا جديدة تشبه أحلامهم مثله ليحققوا ذواتهم؟ كثيرة هي الكلمات التي نحتاجها للحديث عن هذا الإعلام الذي كبرت آمالنا مع تطوره وانتشاره ونحن نحلم أن يكون ذلك الأب الذي يلم شتات القيم ..كنا فعلا بحاجة إلى إعلام عربي أصيل 100%.
ماذا نملك من أنفسنا ؟
    دعونا نكون إيجابيين لدينا أحلام نحققها ...وليس سلبيين نعيش على أوهام وأضغاث أحلام نبددها ...نهوض الأمة مرتبط باستيقاظ فضائياتنا من نومها العميق وتمثلها لآداءات الغرب وكأنه المثل الأعلى في الإعلام وحسب في حين كنا بحاجة إلى هذا التمثل في أمور أكثر أهمية ...إعلامهم على مقاسهم فماذا عن إعلامنا؟ ولماذا نرتدي لباسا لا مقاسه ولا لونه يناسبنا ...كان ينبغي على إعلامنا أن يتوقف للحظات من جمع فتات العولمة الذي رماه غيرنا بحجة أنهم ليسوا بحاجة إليه  فتراكض الإعلام العربي يجمعه غير آبه بما ترك وراءه من قيم تترجاه أن يرأف بها وأن يمد لها يد العون قبل أن تستحيل إلى ذكريات نبكي كلما تذكرناها ..ونحن نحس بفقداننا لذواتنا التي اشتراها الإعلام فبعناها له بأبخس الاثمان ..عندما نفقد هويتنا العربية وشخصيتنا الإسلامية إلى الأبد...عندها فقط ندرك قيمة السؤال : ماذا نملك من أنفسنا ؟
نومار مريم نريمان

على ضفاف الحياة الأخرى ..


   ... أن تعيش حياة ثانية؛ يعني أن تتعلم أشياءا جديدة في كل حياة وأن تتعرف على أشخاص جدد في كل مرة،حياة تتوالد المشاعر فيها أضعاف ما تتوالد في الحياة الواقعية ذلك أنها بنت الإفتراض وبعض مخلفات الواقع، تتوالد بحثا عن ملجأ آمن للتواجد الحر والمنصف حتى لا تضطهد بين أحضان الواقع، حتى تكون ملكة نفسها تتوجه صوب من تشاء وتهديه نفسها، إنها تلك المشاعر التي تمزق الكائنات الواقعية آلاف المرات وتجعلها تذوب أمام ما يأسرها يوما بعد يوم ولا يبق بيدها سوى قطعة كبرياء متجمدة بين أصابعها تتقاطر بعض حباتها على أرض المواقف المضرجة بحنين اللقاء الأول وبصدمة اللقاء الأخير، قالت لي كائنة فايسبوكية صديقة *تأكدت من واقعيتها بعد مكالمة هاتفية* ردا على مشاركة وضعتها في حياتي الثانية: "أنا لا يمكنني أن أكتب ما أشاء على صفحتي لأن هذا العالم الإفتراضي نجد فيه من الشفافية أكثر من الواقع الحقيقي في بعض حالات ومواقف، أكاد أجزم، هما مكملان لبعضهما بشكل ما، وأرشيفك جزء من ذاتك شئت أم أبيت"
    كلمات أجابتني بها فتاة أحسبها تعيش بكلّها في الإفتراض لكنها تتستر على بعض ذلك الكل وتمنحه الواقع حياتا في افتراضيته التى لا تجد أرضا للحياة عليها فترضى بالأسر في عالم الأحلام ربما هكذا هي؛ هي التي دفعتني للرد جعلتني أحسني أضع عقلي في الواقع وقلبي في الإفتراض أو العكس؛ لست متأكدة.. لكنني متأكدة بوجود البعض الكبير هناك لحظتها، كلماتها بدأت تأخذني بكلي إلا الإفتراض بعد أن تخليت عن قيود الواقع التي تقيد معصمي  فأخذت أكتب وأكتب وأكتب وما إن أنهيت حتى وجدتني أنا نفسي هناك بملامحي بمشاعري بارتباكي بنبضي وقبل أن أشاركهم ما كتبت حتى عدلت عن الفكرة وانسحب بعضي من هناك تاركا بعضي الآخر ضائعا بين العالمين يقول " أميل إلى كتابة نفسي (الواقعية)  أحيانا وتكتبني الروايات أحيانا أخرى أميل إلى تعابير تبهرني وأكره تعابير سطحية لا أجد فيها معنى ومشكلتي الكبيرة أنني كلما أحببت عبارة أحب أن اشارك أصدقائي  متعة قراءتها وليست مشكلتي أن يقرأني(يقرأوا واقعيتي)  الأشخاص من خلال مشاركاتي (الافتراضية) وليس ذنبي أن يقرأوا من خلالها ما عشت منها وليس ما أحببت فيها..
سحبت بعض واقعيتي التي لا أحب أن يقاسمني فيها أحد حتى لو كان افتراضيا وألبست كلماتي بعض اللوم لمن يبحث عن واقعيتي بين افتراضيتي تاركة إفتراضيتي الممزوجة مع بعض الواقع تترنح بين العالمين، ربما نحن نغذي الكائنات الفايسبوكية التي خلقناها بروحنا الحقيقة الواقعية التي لم تستطع أن تظهر بكل جوانبها في الحياة.
 صحيح! يملك الإفتراض مكانة خاصة في حياتنا الواقعية لكن ولا أي واحد منا يعترف بأن ممارسته للإفتراض أقوى وأقرب إلى نفسه من ممارسته للواقع .
كم من الأشياء نتذهنها ثم ننقل تلك الإفتراضات إلى الواقع بل ونجسدها حتى وإن كانت افتراضية؛ بل ونفرح بها ونفتقد شيئا منا  إذا ما انقطع الاتصال قبل أن ننقل افتراضاتنا إلى الواقع الفايسبوكي ثم ننتظر تفاعل المقيمين في هذه الدولة الإفتراضية حول ما جادت به تصوراتنا للحياة المثالية التي نشتهي أو لشخصيتنا التي حرمنا من ممارستها بمثاليتها ...في الواقع طبعا....ربما هنالك توأمة لم ننتبه لها من قبل هي الشخصية الإفتراضية والواقعية ولو بحثنا قليلا لوجدنا الأولى صورة مثالية للثانية والثانية تصور خيانة واضحة للأولى فرضتها خشبة الحياة.
من مذكرات الكائنة الفايسبوكية
مريم نريمان
07/11/2011


متواجدة ..لكن بين عالمين !


مثل كل الصباحات أتفقد كينونتي الفايسبوكية ..أفتح صفحتي لأتأكد بأن الحياة مازالت تدب في العالم الآخر حتى في غيابي..كلما سيطر علي الحزن والوحدة أعود لأطرق على لوحة المفاتيح سعيا وراء اكتشاف فوضى الكلمات والأحاسيس التي في داخلي، هنا أجد الوقت والصمت الذي أحتاج؛ حتى أعيد ترتيب ذاتي من جديد وأستعيد قلبي الذي  أحفظ فيه كل الأشياء  على رفوفها الإعتيادية ولا يتعبني وجود بعضها على الأرض فأدوسها أحيانا وأنا أتفقد أن النبض لا يزال في روتينيته المطلقة  وأن كل ما أملك مازال يرضى بوجوده في داخلي رغم انني في الكثير من الأحيان وخلف عباءة الصمت التي أصر على أن أرتدي أجد كلمة أو نبضا فر من قلبي عبر مجرى الدم ليخرج عبر أناملي إلى الملأ عبر صفحتي الفايسبوكية، وكثيرا ما كنت أحتار في كلمات كتبها وجودي الإفتراضي على غفلة مني وأنكرها واقعي ..فالبوح رغم ما يحمله من فضفضة لتلك الذات المتألمة إلا أن التعبير عنه أفتراضيا ليس كما الإعتراف به واقعيا ..فليس إرسال إيموتيكون غاضب كما رؤية ملامح غضب على وجه الآخر ..هنا تكمن المفارقة بين أن أفتح عيني وفأقول "أصبحنا ,أصبح الملك لله " وبين أن أفتح صفحتي الفايسبوكية فأجد أن بروفايلي لا يزال موجودا وأن لا أحد قام بقرصنته...
نريمان

مذكرات طفلة "الرومانسية الصامتة "


    وأنا أبحث بين بعض مذكراتي الطفولية عثرت على هذا النص الذي أضحكني وأبكاني؛ أضحكني حال هذه الفتاة التي تمنح الورقة كل هذه الثقة وتكتب كل ما يجول في خاطرها دون أن يهمها أحد..وتسعد كثيرا بما كتبت ... وأبكاني حال هذه الفتاة الصغيرة التي تروي حزنها أيام غياب والدها ونومه في المستشفى..

أذكر أن والدي رحمه الله وبعد خروجه من المستشفى قرأ هذا النص واغرورقت عيناه لحظتها ..تلك الصورة بكل تفاصيلها لا تزال مرتسمة في ذهني ..رحمك الله يا أبي 

عنوان النص: الرومانسية الصامتة
 كانت السماء حزينة رومانسية لونها رمادي مختلط مع البنفسجي يميل إلى الوردي ..كان جوا رومانسيا..!
   كانت ليلة ذلك اليوم مقمرة يتلألأ القمر في منتصف السماء يلمع ويخفت؛ وكان الجو يلبس حلة العام الجديد كانت لحظات الوداع حارة وكان القمر يطل بحذر وكأنه يخشى المارة، ..كانت أمطار ديسمبر تتساقط وهي تودعنا وتسقي القلوب العليلة في آخر يوم من السنة.. ..إنه آخر يوم من طفولتها ..جلست تتأمل السماء والنجوم الحزينة ..كان الشجون يعتصر شغاف قلبها والأسى بفؤادها يحيك هموما ومعاناة ويعزف على أوتار قلبها سنفونية الرومانسية الصامتة ..كان سكان الحي بديارهم يحتفلون بقدوم العام الجديد ولكنها كانت تحتفل مع دموعها التي لم تجد من يمسحها فلا يمسحها إلا من يفهمها ..ولكن من يفهمها !!
   لقد حذرها الكثيرون من صدمات الحياة ولكنها ظنت أن الحياة لعبة في أيدي القدر وإذا صادقت القدر تفادت الصدمات ..لم يكن ظنها أبدا في محله فالصدمات في حياتها كثيرة ولكن السبب الوحيد لإيمانها هذا أنها لم تفهم صدمة الحياة على حقيقتها فقد كانت صاحبة قلب طفولي وكانت الصغيرة في أعين الكثيرين..كانت تودع العام بحزن ووهن وكانت تخاف من الغد ..كانت ترجو وتخاطب حلمها الوردي متى ستتحقق متى ؟
  هكذا طرق الليل الأخير من عام ألفين بابها يحمل في راحتيه عبرات وشجون حير قلبها ..  كانت لا تدري لم كل هذا ؟ مر العام بسرعة وودعها بعد أن حمل لها في كل دقيقة حزنا وفي كل ثانية ألما وأنشدت فيه تقول " آه يئست يئست من هذه الحياة ، كانت تتشاءم اليوم وربما تتفاءل وتبكي الغد الذي أصبحت تخافه فهي لا تدري ماذا يخفي لها في طياته، كانت تخشى قدوم هذه الليلة "ليلة الأول من يناير" فقد أمضتها بدموع بللت وسادتها ونامت عليها ..نامت على الدموع ..أمضت الليلة مع قلبها سجينة الأحزان ..
   وفي ليلة الأول من يناير اشتاقت للمسة حنين ..اشتاقت لحنان والدها الذي فارق البيت لمدة تقارب الأسبوعين ..فكانت هذه الليلة محكمة للقدر شهدت فيها النجوم على حزنها وشهد القمر على أساها وألمها كانت تحس بإحساس غريب في داخلها حرب، ألم لا تدري ما هو ؟
كانت بين اللحظة والأخرى تفكر في والدها الذي يمضي الليلة وحيدا بالمستشفى فلقد رأت على غرار كل الناس دمعة تسايلت من عينيه رأت قطرة دم اعتصرت من فؤاده ..لم يرى هذا أحد إلا قلبها هو الذي رآه وأحس به، كان والدها بين أربعة جدران يجالس المرض في المستشفى إنه في يومه التاسع لم تجد ما تفعل فرفعت القلم وكتبت على لسان قلمها رسالة إلى والدها تقول فيها "اشتقت إليك عد بسرعة " راجية أن يقضي ليلته مع تلك البطاقة ..أهدت الجميع قلبها وبقيت دون قلب تبحث عمن يهديها قلبه..وبينما كان الناس يحتفلون؛ كانت تحتفل مجالسة الوحدة والعبرات أمضت ليلتها وحيدة لم تعرف سوى البكاء فرفعت قلمها الذي لم تجد غيره بين ناظريها وكتبت كل شعورها هذا في قصة أسمتها الرومانسية الصامتة تقول في نهايتها " الوداع يا مطر ديسمبر ..الوداع يا عام ألفين هكذا أمضت ليلتها الأخيرة من عام 2000 واستقبلت عام 2001 بنار شوق تحرق قلبها وتسلب البسمة من شفتيها ولكنها ظلت تردد بدموعها " عد الينا يا أبي بسرعة اشتقت إليك ..عد إلينا نحن ننتظرك !!
مريم نريمان الصغيرة